داعش أردوغان
تركيا تحت قيادة أردوغان لم تخش أن تجعل مطار إسطنبول "نقطة إرسال" رئيسية للإرهابيين، ولكن مع تسرب الأخبار، نصح "شياطين" الحكومة التركية، رئيسها، بضرورة استخدام مسالك أخرى لذلك، حتى لا يتعرض مطار أسطنبول إلى عقوبات من الخارج، أو إلى هجمات تستهدف العناصر المسلحة.
واعتبرت دراسة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن المسلك الأهم بعد "المطارات"، هو ما يسمى بـ"شركات الأمن"، حيث أكد عدنان تانرى فردى، المستشار العسكرى للرئيس التركى، وأحد رجالاته المقربين، على ضرورة تأسيس أنقرة لشركة أمنية عسكرية خاصة للمساعدة فى تدريب الجنود الأجانب، على اعتبار أنها أداة جديدة فى السياسة الخارجية لتركيا، مثل "بلاك ووتر" الأمريكية أو "فاجنر" الروسية.
ولمعرفة الدور الذى تلعبه شركات الأمن تلك، فإنه من الضرورى أن نذكر أن "بلاك ووتر" مثلاً استخدمت فى حرب أفغانستان وغزو العراق والحرب السورية، حيث كانت أكبر وأقوى منظمات المرتزقة فى العالم، وتورط أعضاء الشركة من المرتزقة فى سلسلة من جرائم قتل دموية واسعة النطاق، فى السنوات التى تلت الغزو الأمريكى للعراق.
أما الشركة الروسية، فقد سطع نجمها بين أزمتى القرم وسوريا، ولكنها انخطرت بكثافة فى الصراع السورى.
وقد استلهمت تركيا التجارب الأمريكية والروسية، وأسست بالفعل شركة أمنية أسمتها "سادات"، حيث أصبحت قوة شبه عسكرية فعلية موالية للرئيس التركى أردوغان.
وتؤكد الدراسة التى تحمل عنوان "كيف نفهم تطورات الأزمة الليبية.. وطبيعة التحركات التركية" أن تقدم الشركة التدريبات النظامية للقوات البرية والبحرية والجوية للدول الطالبة للخدمة ابتداء من فرد واحد وسلاح واحد حتى أعلى وحدة فى الجيش، أى يتم تدريب جميع العناصر حتى آخر مستخدم، بالإضافة إلى التدريبات غير النظامية، حيث تنظم شركة "سادات" تشكيلات القوات المسلحة للدول التى تقدم لها الخدمة للحرب غير النظامية، وذلك لظهور حاجة لتنظيمها جميعًا بقصد الدفاع، وتقوم بتدريب عناصر هذه التشكيلات على أنشطة الكمائن والإغارة وإغلاق الطرق والتدمير والتخريب وعمليات الإنقاذ والاختطاف.
المدهش أن معارضين أتراك طالبوا الحكومة بكبح جماح شركة "سادات" بعد تورطها بفجاجة فى تدريب عناصر من تنظيم "داعش" تحت سمع وبصر جهاز الاستخبارات التركى.
العلاقة بين شركة "سادات" وجهاز الاستخبارات وطيدة للغاية، حيث كونها تُدار من قبلِ عسكريين متقاعدين لهم صلات وثيقة بالنخبة الحاكمة فى الدولة، أو رجال استخبارات مكلفين بتنظيم أعمالها بكيفية تخدم المصالح الأساسية للدولة.
وتستخدم تركيا شركة "سادات" الأمنية الخاصة لتقنين عمليات إرسال المسلحين السوريين ولاسيما التركمان الذين يدينون بالولاء للمشروع التركى ويرتبطون بالقرار الاستراتيجى لأنقرة، حيث سجّل الميدان الليبى أول تواجد رسمى للعناصر المسلحة السورية ضمن تشكيلات الميليشيات التى يستهدفها الجيش الوطنى الليبى خلال عملياته فى 20 من ديسمبر الجارى إثر غارة جوية بمحيط مدينة سرت أدت لمقتل 19 من العناصر المسلحة بينهم 11 يحملون الجنسية السورية.
تلى ذلك، بنحو أسبوع، ظهور لعناصر مسلحة فى محور صلاح الدين بالعاصمة الليبية، كما أرسلت أنقرة مجموعة من العناصر المسلحة من شمال سوريا للقتال فى معارك طرابلس ومصراته العناصر المسلحة التى تمت إرسالها اتبعت تنظيمات فيلق الشام، وألوية السلطان مراد، وشكلت العناصر ذوى الأصول السورية التركمانية غالبية كوادرها البشرية، إذ ارتكبت تلك العناصر العديد من الجرائم ضد العرب والأكراد على حد سواء خلال عمليات تركيا الرئيسية فى الميدان السورى.
ونفذت الكيانات والتنظيمات المسلحة الموالية لتركيا مهام عديدة فى الميدان الليبى، ومنها تنفيذ ما بات يُعرف بـ "المهام القذرة"، من الإعدامات الميدانية والالتحامات المباشرة داخل المدن، وكذلك تنفيذ أعمال التطهير والتمهيد لدخول القوات النظامية للبيئات شديدة الخطورة.
لقد كانت مناطق الساحل الليبى وتحديداً "مصراتة وسرت وطرابلس"، واجهة لاستقبال خطوط الدعم التركى، القادم عبر الشركات الأمنية، وذلك لتغذية الصراع وتسليح الميلشيات المنضوية تحت لواء حكومة الوفاق، بأسلحة نوعية تمكنها من الاستمرار.