البث المباشر الراديو 9090
جبل عرفات - ارشيفية
أشارت نتائج دراسة علمية حديثة، أجريت فى معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، إلى عدم تعطل أو انقطاع شعيرة الحج أبدًا على مدى التاريخ الإسلامى.

وذكرت الدراسة أنه بعد استقراء أكثر من أربعين مرجعا ومصدرا علميا تتبعت التاريخ الإسلامى كاملا؛ فإنه يتبين أن الحج لم يتوقف أو ينقطع بالكُلية، وأن غاية ما حصل إما توقف جزئى من بعض البلدان، وإما أوبئة وعوارض صحية أو أمنية حصلت لبعض الحجاج منعتهم من أداء الفريضة، بينما قام بالحج غيرهم.

وبينت الدراسة العلمية، التى أجراها وكيل معهد أبحاث الحج والعمرة للتطوير وريادة الأعمال، الدكتور أيمن بن سالم السفرى، أن الحج من الشعائر المشتركة بين الرسالات، وأوردت حديث النبى ﷺ: "صلى فى مسجد الخيف سبعون نبياً منهم موسى"، وتطرقت لما تقرر لدى أئمة الفقهاء من أن إحياء البيت الحرام، بالحج إليه كل عام، فرضٌ على الأمة على الكفاية، ولا بد فى كل عام من وجود عدد من المسلمين تحصل بهم الكفاية يؤدون مناسك الحج، وأوردت فى ذلك العديد من الأدلة منها قول الله تعالى: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس"، قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسيرها: "قيام دينهم، والذى نفسى بيده لو تركوه –أى الحج- عاماً واحداً ما نوظروا" أى: ما أُمهلوا، ولعوجلوا بالعقوبة.

وأثبتت الدراسة أن المؤرخين بينوا ما وصل إليهم من أخبار الحوادث التى تعرض لها الحجاج بمكة المكرمة والطريق إليها عبر التاريخ، وذكروا تفاصيل ما حصل فى مواسم الحج من غلاء ورخص، ورى وعطش ورخاء، ووباء وموت، ومطر وسيول، وحروب واختلال أمن داخل مكة المكرمة، وقطع طريق إليها وتقطع سبل، وما حصل بسبب تلك الحوادث من توقف وصول الحجاج من بعض البلدان فى بعض الأعوام، إلا أنه وعلى الرغم من كل ما ذكروه من الحوادث العظيمة والخطوب والفواجع؛ لم يحدث قط أن ترك المسلمون كلهم حج بيت الله الحرام فى سنةٍ من السنين، بل بقى البيت محجوجًا مقصودًا كل عام، وحافظ المسلمون على هذه الشعيرة رغم مرورهم عبر التاريخ بحوادث بالغة القسوة، وإذا صار لبعض بلاد المسلمين من الموانع ما يمنع أهلها من الحج قام بالحج القادرون من بقية المسلمين من مكة المكرمة وسائر الأمصار، ومثلت الدراسة بأمثلة عديدة منها سنة هجوم القرامطة على الحرم الشريف فى موسم الحج، وهى سنة 317ه التى كان جنودهم يوم التروية يقتلون الحجاج وهم يطوفون فما يقطعهم ذلك عن طوافهم، ونقلت نص المؤرخين على أن الحج فى تلك السنة كاد أن يمتنع إتمامه لولا أن بعض الحجاج قاموا بعد الحادثة باللحاق بعرفة وإكمال مناسكهم على أقدامهم.

ولفتت الدراسة إلى دور أهل مكة البارز فى ضمان استمرار مسيرة الحج فى السنوات التى تعذر على أهل الأمصار بلوغ البيت الحرام.

وبين الباحث أن انقطاع الحج بالكُلية إنما يكون فى آخر الزمان، بعد خروج يأجوج ومأجوج، وساق فى ذلك عددًا من الأدلة منها قول النبى ﷺ : "لا تقوم الساعة حتى لا يُحج البيت".

وتأتى هذه الدراسة العلمية مؤكدة لقرار الحكومة السعودية القاضى بعقد مناسك الحج، وفق اشتراطات احترازية على الرغم من الجائحة، ليؤكد أن الحج من أعظم شعائر الدين الظاهرة التى على ولى أمر المسلمين ببلاد الحج إقامتها فى كل عام، وتبرز ما تم فى القرار من الجمع بين مصلحتين شرعيتين عظيمتين: إقامة شعيرة الحج، وعدم انقطاعه، والمحافظة على سلامة الناس وصحتهم.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز