البث المباشر الراديو 9090
يسرى الفخرانى‎
لا يقول الرجل الحقيقة الكاملة لزوجته أبدًا، إلا أنا، فهو يخشى تفسيرها لأشياء عابرة على هواها، فيجد نفسه فى سين وجيم، متهم برىء.

الزوج هنا مثل رجل يقود سيارة فى طريقه إلى العمل يصادف مصابًا على الرصيف فيحمله إلى أقرب مستشفى من وحى الضمير الإنسانى فيجد نفسه متهمًا بقتله!

لا تحب المرأة الحقيقة الكاملة، وقد لا تحب نصفها حتى، مثلا: لا تمتدح امرأة غيرها فى وجودها، لا تقول لها من زاوية الاهتمام بصحتها: لماذا لا تحرصين على طعامك، لا تتجرأ وتعترف أمامها أن فستانها لا يليق لها!

هذه أشياء بسيطة، وما خفى كان أعظم فى رد فعله، الزوجة مثلا لا يجب أن تخبرها عن ماضيك وإلا أمسكت عليك ذلة ومذلة، اتركها تعرف ذلك بطريقتها وعليك بعدها أن تنفى أو تشكك فى معلوماتها التى جمعتها عنك، لا تبُح لها أنك لم تأكل أطعم أو ألذ من أكل أمك، وقعتك سوداء!

كل امرأة تحب أكاذيبها كما تحب أكاذيبك عنها، أن تقول لها أنت الأجمل والأذكى والأروع، فما حال إذا كانت هذه المرأة بالمصادفة: زوجتك، فهى لن تطيق أن تقول لها إنك يعجبك جمال سعاد حسنى رغم رحيلها، أو أناقة يسرا رغم أن بينك وبينها مسافة شهرة، أو ذكاء هند صبرى رغم أن من رابع المستحيلات أن يكون بينك وبينها علاقة ولو سلامو عليكم!

وأنا أقول لزوجتى دائمًا الحقيقة: أننى أحب ساندرا بولوك ومعجب بقامة جوليا روبرتس وبقوام جنيفر لوبيز، وأجدها تراقبنى وأنا أشاهد مشاهدهن البريئة على شاشة التليفزيون، هذه هى الحقيقة التى أحكيها لزوجتى حتى لا أبدو فى نظرها ملاكًا دائمًا، والنساء لا يصدقن الملائكة، أو الرجل الذى يدعى أنه خام خامل خجول، لا له علاقات سابقة ولا لاحقة، ولا يتكلم مع امرأة إلا ووجهه فى الأرض، المرأة ترى أن الرجال، خصوصًا الأزواج، كلهم ولدوا وفى جيناتهم مع النذالة خيانة، ومع الوجوه عيون تلتهم كل امرأة فى الحياة، لا تعترف أن هناك رجلًا ملاكًا، ليس له هفوة أو نزوة أو كذبة أو ذيل لا يستقيم أبدًا، وأعرف رجلًا قرر أن يكون ملاكًا مع زوجته، وأول خطوة ملائكية فعلها أنه قرر أن يقول لها الحقيقة الكاملة، كل شىء، من رأى، ماذا رأى، لمن قال صباح الخير، ومن هى المرأة التى قال لها اليوم أنها أنيقة لطيفة جذابة، لأنها حقيقة وجد ألا يحجبها، أو مجاملة مهذبة مقبولة، كانت زوجته فى بداية الأمر، كما حكى، تشجعه وتتقبل الأمر بصدر رحب، هو لم يعرف إلا بعد ذلك بكثير أنها كانت تستدرجه حتى النفس الأخير، وتشجع أكثر وقال أكثر، وهى فتحت له الباب ليحكِ عن ماضيه، عن نساء فى حياته، عن حبيبته الأولى، عن أمه وعن جارته وزميلته فى العمل التى كانت تأتى له بالسندويتشات كل يوم ليفطر ويحلى لعله يتزوجها، وحين تأكدت أنها جمعت المعلومات اللازمة الكافية الوافية، بدأت فى ابتزازه!

المرأة تحب من يقول لها أن الله لم يخلق مثلها، غريبة جدًا أنها تصدق، ومرة قال رجل لزوجته: أنت أجمل واحدة ربنا خلقها، فنظرت له فى دلال وقالت: يا كذاب، قال لها: أنا أكذب عليك يا قمر، قالت له: عينيك بتكذب، قال لها: ولا قلبى، قالت له: وما رأيك أننى أرى أن فلانة أجمل وأحلى منى، طولها معقول أما أنا فقصيرة، شعرها ناعم أما أنا فخشن، عيونها قوامها ضحكتها، وهكذا، فلم يجد الرجل إلا أن يوافقها أو يتفق مع رأيها، فقال مبتسمًا: معك حق إنها فعلا جميلة جدًا، وزاد من عنده بعض صفات لم تلحظها زوجته، فماذا حدث له؟ بكت وصرخت وفضحت علاقته بامرأة لا يعرفها أصلا.

أكثر الأزواج تعساء، أو على خلاف مع زوجاتهن بسبب الصراحة، فإذا قال لها: نفسى فى ضحكة زى بتوع زمان أيام الخطوبة؟ كان الرد: روح شوف لك واحدة من الملاطيش بتوعك تضحك لك، ما هو طبعًا ماعدش يعجب، الله يرحم لما حفيت ورايا علشان كلمة ولا نظرة، يا خاين يا قاسى يا ضايع!

فماذا لو قال لها: لم أعد أحبك، أصبحت أعيش معك بحكم العادة أو علشان الأولاد أو لأن ليس لى بيت آخر فقد وضعت شقى عمرى فى بيت كتبته باسمك، هنا سوف يعيش أسود أيام حياته.

المرأة لا تنسى، فهى تقلب القديم كلما شبت خناقة أو شب حريق جديد، سوف تقول لك فاكر وفاكر وفاكر، والصنف الرقيق يكتفى بالبكاء، ومن بعده نكد، فهنا ليست أيامك سوداء، إنما بلا لون أو ملامح.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز