
يسرى الفخرانى
الفرحان هنا بواب عمارة فى شارع ضيق يشاهد المباراة على تليفزيون قهوة بلدى فى الحلمية أو المهندسين، وميكانيكى سيارات وزميله كهربائى وجاره الفكهانى. ناس بسيطة فرحتها قادمة من هدف فى مباراة كرة قدم ملعبها على بعد آلاف الأميال منهم، لكن لأن صاحب الهدف هو محمد صلاح.
مرات كثيرة فى (صدفة سعيدة) كنت فى مشوار شخصى فى أماكن مختلفة أثناء مباراة لصلاح.. وأسمع نفس النداء المبهج جدا (صلاح جاب جون).
صلاح تحول إلى مصدر سعادة حقيقى لدينا، لا يختلف أحد على محمد صلاح، ليس مجرد لاعب موهوب، ياما مرت على ملاعبنا مواهب، إنما الموهوب تسبقه أشياء كثيرة، حضور وأخلاق وشجاعة وضحكة مصرية خالصة وطيبة وقصة كفاح وصبر وكرم لا حدود له مع أهل بلده.
الأخيرة تحديدا تفرق معنا فى تقييم صلاح، أنه لم يقص جذوره من أعماق قريته وأهل بلده، بالعكس من أول يوم وانتمائه عميق معهم، وهو حسب حسبة رائعة مع الفلوس، أنها عند رصيد معين ماذا سيفعل بها؟
قرر صلاح بعقل صافٍ تماما أن يتبرع كلما أمكن ليسعد إنسان آخر أو يساهم فى تعليم طفل أو علاج أسرة.
أصبح صلاح فى فترة بسيطة محبوب الجماهير، وهو أمر صعب تحقيقه لأن عادة الجماهير المصرية لا تتعاطف مع إنسان ناجح بزيادة أو ثرى بأرقام كبيرة أو يلعب فى نادى أوروبى.
ماذا فى صلاح؟ ولماذا صلاح؟
على الرغم أننى لست مشجع كروى محترف ولا أفهم فى كرة القدم، إلا أننى متحمس جدا لقصة صلاح ونجاحه وتألقه وتحوله إلى أيقونة أو مثل أعلى لآلاف الشبان، يجب أن نفكر كيف نستفيد من هذه الحالة المتوهجة التى وصل لها دون الوقوع فى فخ استنزافه بالطبع.
محمد صلاح هو فرصة لكى نعلم أطفال فى المدارس أن النجاح ممكن بالجهد وليس بالفهلوة، وأن النجاح يمكن أن يكون ابن الحاضر وليس فقط ابن الحضارة، رائع أن نذاكر للأولاد أننا بناة الأهرام العظيمة، الأكثر روعة أن نحكى لهم قصصا حاضرة عن نجاح ناس من مصر، فى العلوم وفى الطب وفى الهندسة وفى كرة القدم والاسكواش وألعاب القوة.
قصة النجاح فى نفس الظروف التى نعيشها تصبح ملهمة لكل طفل وكل شاب وربما كل عجوز.
زمان كان لدينا صندوق الدنيا يمر على البيوت يحكى قصة الشاطر حسن وأبوزيد الهلالى.. الآن كل كمبيوتر أو شاشة تليفون يمكن أن تحكى وتتفاعل مباشرة مع أبطال القصص. وعلينا أن نفعلها ببساطة.
