البث المباشر الراديو 9090
مايكل مورجان
انتهت السنوات العجاف فى العلاقات المصرية الأمريكية بانتهاء رئاسة أوباما، الذى اتخذ موقفا عدائيا واضحا من إرادة المصريين ورئيسهم عبدالفتاح السيسى.

كما كان من الواضح دعمه الكامل وغير المشروط لجماعة الإخوان والمعزول مرسى والتنظيم الدولى لها، الممثل فى العديد من الجمعيات الأهلية فى الولايات المتحدة، وغيرها من الجمعيات التى تعمل تحت غطاء المجتمع الإسلامى والجاليات العربية، ولكن فى حقيقة الأمر هى جمعيات تدار من أعضاء التنظيم وتنفذ أجنداته، لتخريب المنطقة بهدف إقامة خلافة إسلامية، ليس من منطلق دينى بل سياسى بحت، ويستخدمون الدين فقط للوصول إلى عقل وقلب الشباب المحافظ ومحاولة غسل أدمغتهم.

فقد أصر أوباما وإدارته على تنفيذ مخطط تفتيت الشرق الأوسط، كما تعمدت إدارته غض البصر عن جميع الانتهاكات لحقوق الإنسان وتنفيذ الإبادات الجماعية التى قام بها تنظيم داعش المعروف بأنه صناعة أمريكية كان المقصود منه الإطاحة ببشار الأسد.

أردت سرد التفاصيل السابقة فقط للتذكرة وقراءة المشهد الراهن، بعد أن تغير الوضع وأتيحت الفرصة لاستعادة العلاقات فى عصر دونالد ترامب.

أخيرا وجدنا رئيسا للولايات المتحدة يدعو الرئيس المصرى لزيارة البيت الأبيض، بما يخالف تماما أجندة سلفه، الذى أدار ظهره للمصريين وإرادتهم فى وقت احتاجت فيه مصر لدعم حلفائها من الدول العظمى لمحاربة التطرّف والاٍرهاب.

ففى ظل الزيارة المرتقبة للرئيس السيسى لواشنطن، أود إلقاء الضوء على بعض الأمور التى أراها مهمة، ليس فقط لتقوية العلاقات، ولكن للحفاظ عليها فى المستقبل.

هناك فرصة ذهبية لإقامة علاقات مصرية أمريكية هى الأقوى على مدار التاريخ، كما صرح لى الجنرال "مايكل فلينن" مستشار الأمن القومى الحالى، خلال اللقاء فى برنامج "النبض الأمريكى"، كما اعترف بأن إدارة أوباما أعطت ظهرها لمصر، وأنه على الإدارة الأمريكية الجديدة بذل مجهودا كبيرا لاستعادة الثقة المصرية فى أمريكا.

سؤال آخر يطرح نفسه.. هل العلاقة على المستوى الرئاسى فقط كافية؟

أعتقد أن تقارب مكتبى الرئاسة خطوة رائعة، ولكنى أرى أيضا أن هذا التفاهم والتعاون لابد وأن يكون على مستويات مختلفة فى الشكل والمضمون، فيجب أن يكون هناك حوار بين برلمانى الدولتين فى القضايا التى يمكن التعاون فيها، ومنها ملف الاٍرهاب وتبادل الخبرات فى سن القوانين التى تحمى مواطنى الدولتين وتحافظ على أمنهما القومى.

كما يجب أن يشمل التعاون الإعلام، حتى يتسنى للمواطن الأمريكى معرفة ما يحدث فى الشرق الأوسط من مصادر موثوق بها، وليس من شبكات لها أجندتها الخاصة مثل الجزيرة وغيرها، كما يجب إمداد الصحافة العالمية بالتقدم الذى يحدث فى مصر فى كافة المجالات والمشاريع الضخمة التى يتم افتتاحها بشكل دورى لتجنب التضليل الذى يؤثر على الاستثمار.

التعاون أيضا يجب أن يشمل القوة الناعمة من المفكرين والكتاب والفنانين والرياضيين، وأيضا العلماء، فلا بد من إقامة مؤتمرات وأنشطة يتم فيها الالتحام بالخارج حتى نتيح فرصة التقرب من مصر فى ثوبها الجديد بعد ثورتين، مما سينعكس على ملف السياحة والاقتصاد والتجارة.

وأرى أيضا ضرورة تكوين لوبى مصرى قوى فى واشنطن يرعى مصالح مصر، وقد عملت، ومازلت أعمل جاهدا، لتحقيق هذا الهدف، كما حاول قبلى المحامى الراحل الأستاذ ماجد رياض على تحقيقه بتكوين مؤسسة مصرية سياسية، ولكنها لم تستمر لأسباب عديدة.

منظمات المجتمع المدنى المرخصة فى مصر عليها أيضا المشاركة فى مثل هذا التعاون فى ملفات كثيرة، كى تصبح خط الدفاع الثانى، خصوصا عند تعارض وجهات النظر، مثلما حدث مثلا فى ملف الاستيطان الإسرائيلى، ونشكر الله على حكمة الرئيس السيسى، والبعثة المصرية بعد التعامل بحرفية دون تنازل عن المبادئ ودون التصادم مع ترامب.

مراكز الأبحاث السياسية المصرية عليها أيضا دور فى التفاعل مع نظيرتها الأمريكية بما لا يتعارض مع أمن مصر القومى، وهذا ليس عن اضطرار ولكن عن رغبة فى تقارب وجهات النظر وتوضيح مواقف قد تترجم بشكل لا يرتقى للواقع، فدائما يجب أن تكون مصر الفاعل، أى أن تكون مصدر المعلومة.

فعلى سبيل المثال، إبان ثورة 25 يناير وصلت تقارير مغلوطة كثيرة عن الثورة المصرية، أهمها ما أرسل من قبل السفيرة السابقة آن باترسون، بتزييف الواقع وإقناع إدارتها بضرورة مساندة الإخوان نظرا لقوتهم على الأرض، ولم يوجد من يرد على هذه الأكاذيب.

من زاوية أخرى، فالدوائر الدبلوماسية لا تؤدى دورها بالكامل على المستوى المطلوب، برغم جهود وزير الخارجية سامح شكرى، والقنصل العام فى نيويورك السفير أحمد فاروق، الذى أشهد شخصيا على عمله الدؤوب فى دوائر صناعة القرار والإعلام الأمريكى من خلال محاضرات ألقاها فى مختلف المنظمات، للدفاع عن مصر وثورتها، وعلى سبيل المثال لو كان هناك حوار دائم وحضور قوى للدبلوماسية المصرية فى الكونجرس، ولو تمت زيارة وفد مجلس النواب للكونجرس كما اقترحنا سابقا، لما سمعنا عن تلك القوانين التى حاولت انتهاك الشؤون الداخلية المصرية مثل قانون ترميم الكنائس.

وأخيرا، أؤكد أن العلاقات المصرية الأمريكية لابد أن تكون على مستويات عديدة حتى يتسنى لنا الوصول لعلاقة وطيدة، وأيضا كى لا نترك مساحة أو فرصة لأى مغرض أو كاره لمصر أن يستغلها ضد بلادنا الحبيبة.

وأولا وأخيرا تحيا مصر..

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز


اقرأ ايضاً



آخر الأخبار