البث المباشر الراديو 9090
تنصيب أول سيدة أسقفًا فى بريطانيا
تنصيب المرأة قسًا أو أسقفًا صارت قضية تشغل بال الكنيسة فى مصر، خلال الآونة الأخيرة، وإن كانت قضية لا تخص الكنائس التقليدية "الأرثوذكسية والكاثوليكية"، إلا أن سنودس النيل الإنجيلى "المجمع العلى للكنيسة الإنجيلية" يناقش منذ اجتماعه فى العام الماضى موضوع رسامة المرأة قسًا.

الكنيسة الإنجليكانية فى بريطانيا، نصبت الأسبوع الماضى أول امرأة أسقفًا فى كاتدرائية يورك مينستير فى مدينة يورك، هى Libby lane، وهى زوجة وأم لطفلين، تنصيبها جاء بعد تصويت الكنيسة على المساواة بين الجنسين فى المناصب الكنسية رفيعة المستوى، وأثناء تنصيبها اقتحم رجل الكنيسة وقال "تنصيبها مخالفة للإنجيل".

إنجليكانية مصر تؤكد أنها لن ترسم المرأة قسًا

منذ الأسبوع الماضى، سادت حالة من الجدل فى الأوساط الكنسية المصرية، فقد قام أحد الكهنة فى الكنيسة الأرثوذكسية بكتابة مقال يعلن فيه أسباب رفض الكنيسة لتنصيب المرأة قسًا، مما اضطر المطران منير حنا أنيس، مطران الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية فى مصر أن يصدر بيانًا رسميًا يعلن فيه أن الكنيسة الأسقفية بمصر لن تنصب المرأة قسًا كما فعلت الكنيسة الأم فى بريطانيا.

وقال حنا "إننا نؤمن بأن هذا القرار يجب أن يكون بإجماع الكنائس الشرقية بما فيها الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية حتى لا يتأثر العمل المسكونى المشترك"، وأوضح أن أتباع الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية بالعالم حوالى 80 مليون مسيحى، متواجدين فى حوالى 160 دولة، والكنيسة مقسمة إلى 38 إقليمًا حول العالم، وكل إقليم مستقل بذاته إدارياً وروحيا.

وأضاف، لقد قررت الكنيسة الأسقفية منذ نشأتها واستقلالها عن كنيسة روما عام 1500، بأن نظامها "مركزى بابوى" كما هو الحال فى الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية، ولكن اتفق على أن يجتمع كل أساقفة العالم مرة كل 10 سنوات لمناقشة أمور الكنيسة وتوجهاتها السياسية، إعمالًا بمقولة القديس أوغسطينوس أنه "فى الأمور الجوهرية هناك وحدة، وفى غير الجوهرية، فهناك حرية، وفى كل شىء محبة".

وأشار إلى أن الأمور غير الأساسية والمتعلقة بطرق العبادة والزى الكهنوتى والشكل المعمارى للكنائس فتعد ضمن الأمور الثانوية، ومن جهة تنصيب المرأة قال "فالعديد من الكنائس الغربية يعتقدون أنها ليست من الأمور الأساسية وأن هناك آيات تتفق مع عدم مشاركة المرأة فى الخدمة وآيات أخرى تؤكد أهمية خدمة ودور المرأة فى الكنيسة".

لماذا ابتعدت المرأة عن ممارسة أى دور فى العبادات؟

يشير المؤرخ البريطانى "وول ديورانت"، فى الكتاب الأول من موسوعة قصة الحضارة "نشأة الحضارة"، إلى أن الآلهة فى العصور القديمة ما قبل اكتشاف الزراعة كانت "أنثى"، ويوضح أن المرأة كانت هى المسيطرة وليس الرجل وأن المجتمع كان "أمومى"، وليس "أبويا"، وبعد اكتشاف الرجل الزراعة تحول النظام الاقتصادى من الرعى إلى الزراعة وبدأ عصر سيادة الرجل، واختفت الآلهة "الأنثى"، وبدأت تظهر الآلهة "الذكور"، وكان ذلك قبل ظهور الأديان الإبراهيمية "السماوية".

عندما جاء السيد المسيح، لم يطلب أن يغير البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمعات، بل كانت رسالته من أجل خلاص الإنسان، اليهودية كديانة كانت تنتقص من قدر المرأة وظهر ذلك فى ذكر الإنجيل لتفاصيل "معجزة اشباع الجموع"، فكان العدد 5 آلاف رجل دون النساء والأطفال، ولكن الإنجيل عندما تحدث عن الساعة الأخيرة للسيد المسيح وزيارة القبر ذكر أن النساء والمريمات اللاتى كن يتبعن السيد المسيح هن من وقفن بجانبه حتى النهاية فى الوقت الذى تخلى فيه تلاميذه عنه باستثناء يوحنا.

الكنيسة الأرثوذكسية ترفض

الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية لا ترسم�النساء فى الرتب الكهنوتية، وبعد خبر تنصيب سيدة أسقفًا فى الكنيسة الإنجليكانية، نشر الراهب كاراس المحرقى على صفحته بفيس بوك مقال للقمص أثناسيوس جورج بعنوان "ضِدَّ كَهَنُوتِ المرأة.. رسامة أول امرأة أسقف بالأمس"، وقال المحرقى على صفحته "شاركونا فى دحض هذه البدعة "كهنوت المرأة" مقال للعالم الجليل القمص أثناثيوس جورج.

وفيما تسوق المقالة الكثير من الحجج لدحض فكرة تنصيب المرأة فى الرتب الكهنوتية، قال الدكتور القس إكرام لمعى، رئيس السنودس السابق بالكنيسة الإنجيلية المشيخية، لـ"مبتدا"،�إن كل الكنائس "المصلحة"، أى التى خرجت من الكنيسة الكاثوليكية فى أوروبا مع الإصلاح الدينى، لا تؤمن بوجود الكهنوت وأن "القس، والأسقف"، رتب وظيفية وليست درجات كهنوتية.

القمص أثناسيوس جورج قال فى مقاله "مجدُ الأرثوذكسية وبهاؤها فى تقليدها الحى وأصالتها المستمَدة من الكتاب المقدس بنصه الصريح والواضح؛ مشروحًا بالآباء ومُعاشًا فى القديسين. وكل ما لم نستلمه بحسب الوديعة الصالحة هو ابتداع؛ لأن قطعية الثبوت بالدلائل لا تقبل التأويل؛ ولا تنقل التخم القديم والترتيب الذي وضعه وعاشه الأولون.. فكنيستنا كتابية سرائرية آبائية ليتورجية نُسكية. وهى لم تبدأ بنا، وهى ليست حديثة العهد؛ لكنها شجرة رسولية متجذِّرة فى تقليد عريق وممتدّ لكنيسة الروح القدس الحق؛ لا إلى كنيسة النفسانيين. وكنيستنا تُظهر وحدة فكر كنيسة الله وكمالها فى الواقع المُعاش كحقيقة؛ لا مجرد إعلان عقيدي خال من التعبير الحى".

وأضاف "والكنيسة المقدسة حريصة على روحية تطبيق الكتاب المقدس وعيشه؛ وهى ملتزمة بخطها الرسولى، فلا يمكن بعد أن رفضتْ كهنوت المرأة عبر ألفى عام؛ تخرج الآن عن ما تسلمته؛ لأن إنجيل الرب لا يمكن أن يُكتب من جديد أو يتغير أو يتبدل. فلم تكُن مريم العذراء كلية الطهر كاهنة! ولم تكن مريم المجدلية أو إحدى حاملات الطيب كاهنات! وهذا ليس معناه دُونيَّتهم بإزاء الرجال، كذلك أُمّ أثناسيوس الرسولى أو غريغوريوس النيصى والنزينزى وذهبى الفم وأغسطينوس وأى من الآباء العظام لم يكُنّ كاهنات!�عظيمات كثيرات فى تاريخنا نلنا كرامات؛ لكنهنّ لم يكُنّ كاهنات! إذن هذا الأمر ليس اعتباطيًا أو مجرد فرضية عابرة تنتظر المراجعة والمناظرة والمزيد من البحث، فالمرأة لم تخدم الله يومًا فى هيئة كاهن".

ورغم أن المسيحية تقر المساواة بين الرجل والمرأة فى أكثر من موضع إلا أنه قال "آدم قد جُبل أولاً ثم حواء؛ فرأس كل رَجُل هو المسيح؛ أما رأس المرأة فهو الرجل. لهذا لا يجوز تنصيب المرأة فى رُتب الكهنوت".

وأضاف "إذ ليس معنى مساواة المرأة للرجل فى المسيح أن لا يكون لكلٍّ دوره فى العبادة حسب قصد الله المبارك منذ بداية الخليقة؛ فليس الجميع رسلاً؛ وليس الجميع أنبياء وليس الجميع كهنة، المساواة تتمشى مع التمايز ولا تلغيه بحيث يُتاح للرجل وللمرأة أن يحقق الاثنان إنسانية كاملة غير منقوصة؛ وفق نمطه المميز فى الخلقة من دون إهدار لطاقة المرأة البشرية؛ ومن دون هَيمنة ذكورية، مع الحِرص على عدم نزوع أو تهافت تقليد المرأة للرجال فى كل شىء؛ طمعًا بمشاركتهم؛ مما ينقلب على المرأة ويجعل منها مجرد رجل ممسوخ؛ ويُبقيها كائنًا مستلب الإنسانية".

وقال إن "المساواة المسيحية هى مساواة فى الكرامة الإنسانية؛ لكنها ليست مساواة فى الأدوار والوظائف! فلا يمكن أن يقوم الرجل بالإنجاب والحمل أو أن تقوم المرأة بوظيفة الرجل، لذلك تأتى مسألة كهنوت المرأة ضمن حلقة من حلقات التدهور الأخلاقى المتسارع؛ باتجاه فكرة التحلل وحركات التحرر الأنثوى والتحييد الجنسى والجنس الواحد "Unisex" بينما رفض الكنيسة لكهنوت المرأة لا يقوم على أسباب تاريخية أو اجتماعية أو فيسيولوجية "بيولوجية" فقط؛ لكنه يستند إلى الأساس الكتابى واللاهوتى؛ لأن الكنهوت ليس كرامة؛ لكنه وظيفة". ولم يذكر الكتاب المقدس أن أسباط هارون أو رؤساء الآباء أو التلاميذ الإثنى عشر كان بينهم امرأة؛ على اعتبار أن الكهنوت هو امتداد لشخص المسيح الكاهن الأوحد فى التاريخ".

من جهته قال الدكتور القس إكرام لمعى، إن الكنائس "المصلحة"، مثل "الأسقفية، الإنجيلية، الرسولية"، قامت على مبدأ "الإصلاح أساس اللاهوت"، موضحًا أنه لا توجد فى هذه الكنائس رتب كهنوت، والقس والأسقف هى وظائف وليست درجات، وهى إحدى الاختلافات التى نادى بها المصلحين مثل "زوينجلى، جون كالفن، مارتن لوثر"، ولا تؤمن هذه الكنائس بفكرة الأسرار مثل الكهنوت والزيجة.

وأضاف رئيس السنودس، وعدم اختيار المرأة قسيسة أو أسقفًا يعتبر ضد اللاهوت الذى قامت عليه هذه الكنائس، لافتا إلى أنهم لا يفرقوا بين الرجل والمرأة، وأن القس بالكنائس المصلحة يسمى "شيخ معلم"، وهو الذى يدرس بكليات اللاهوت ليكون واعظًا، وأن هناك "شيخ مدبر"، ويكون عضو فى مجلس إدارة الكنيسة، وأن كثير من النساء الآن عضوات فى مجالس إدارات الكنائس.

وأوضح لمعى أنه لا يوجد امرأة فوق الرجل أو العكس، منتقدًا فكرة المجاملات من أجل الكنائس التقليدية، مشيرًا إلى أن الكنائس المصلحة لو تنازلت عن لاهوتها ستفقد الفكر الذى قامت عليه وستفقد الريادة، وأن نجاح هذه الكنائس هو أن لاهوتها يقوم على أن المدرسة أو المستشفى قبل الكنيسة.

وأشار إلى أن الكنيسة الإنجيلية أول من أنشأت مدرسة بنات وأنها يجب أن تكون فى الريادة وتسحب المجتمع للتنوير لا أن تتأثر بالأفكار المغلقة، مضيفًا "فى حال تراجع الكنائس المصلحة ستفقد مبرر وجودها فإذا فعلت كل شىء مثل الكنائس التقليدية فما هى الحاجة من وجود تلك الكنائس.

وأشار إلى أن الكنيسة الأنجيلية لازالت تناقش أمر رسامة المرأة قسا وكل يوم يكسب هذا الطرح مؤيدين جدد، وهناك استطلاع رأى يجرى الآن من أجل هذا الأمر خاصة أن المرأة تنصب شيخ مدبر" فما الذى يمنعها أن تنصب "شيخ معلم"، ولفت إلى أن الناس تنظر للقس فى الكنيسة نظرة كهنوتية وهذا غير صحيح".

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز




آخر الأخبار




تابعوا مبتدا على جوجل نيوز