
دينا المقدم
الإرهاب ظاهرة عالمية قديمة حديثة لا دين له ولا وطن له، تتغير أشكاله وأساليبه بتغير الزمان والمكان ولكنه يظل دائما مرتبط بالإنسان أيا كان عقيدته أو مذهبه الفكرى، لقد أصبح الإرهاب واقعنا الأليم الذى نعانى منه كأفراد ومؤسسات ودول، وتحاول الدول بقدر الإمكان أن تعمل على اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها، ولقد تعددت وسائل الإرهاب.
وأثبت الإرهابيون قدرتهم على استخدام كل وسائل العلم الحديث لتحقيق أهدافهم.على الرغم من أن مفهوم الإرهاب مفهوم شائع الإستخدام، إلا أنه ليس هناك اتفاق حول مفهوم محدد للإرهاب، ظاهرة الإرهاب ليست ظاهرة حديثة فهى تعود الى مئات السنين، ولكنها أصبحت أكثر انتشارا.
وتم ممارسة الإرهاب عبر الزمن بصور مختلفة ومن قبل أطراف مختلفة، أى يمكننا القول أن الإرهاب ظاهرة تتطور بتطور المجتمعات وتتطور أشكال الإرهاب مع التطور التكنولوجى والعلمى، ومن ثم تعود صعوبة تعريف الإرهاب الى اختلاف الثقافات بمعنى أن ما يعتبر ارهاب فى دولة لا يعتبر ارهاب فى دولة أخرى.
فخرجنا بمفاهيم الإرهاب من العمليات الإرهابية والتكفير والتفجير ونشر الأفكار المتطرفة إلى الإرهاب الإلكترونى.
الإرهاب الإلكترونى نوع جديد من أنواع القوة، فالقوة لم تعد مقتصرة على القوة الصلبة والتى تتمثل فى القوة العسكرية والإقتصادية، والتى تحتكرها الدول بشكل عام، وليس كل الدول وإنما الدول الكبرى، وإنما هذا النوع لم يعد يقتصر على الدول فقط، وإنما كل من له القدرة على امتلاك المعرفة التكنولوجية والقدرة على استخدامها وتوظيفها لتحقيق أهدافه، سواء أكان دولة أوأفراد أو فاعلين من غير الدول، ومن ثم انتهاء عصر احتكار القوة.
يستخدم الفاعلين من غير الدول والأفراد هذا النوع الجديد من القوة لأغراض هجومية مثل اختراق مواقع الكترونية، اختراق شبكات معلومات، التجسس الإلكترونى، نشر فيروسات تدمر أجهزة الدولة، فنجد على سبيل المثال “جوليان أسانج” صاحب موقع ويكليكس، والذى استطاع تسريب عدد كبير من برقيات الخارجية الأمريكية والذى أضعف صورة الولايات المتحدة الأمريكية.
ليس هذا فقط، فالأخطر من ذلك هو استخدام الجماعات الإرهابية للفضاء الإلكترونى للتخطيط وتنفيذ عملياتهم الإرهابية فى مختلف دول العالم.
الجماعات الإرهابية أصبح لها انتشار كبير على الإنترنت، لها آلاف الصفحات والمواقع والتى تستخدمها فى استقطاب الشباب من مختلف دول العالم، كما تستخدمها فى الترويج لأهدافها وللدعاية الخاصة بها.
فتنظيم القاعدة على سبيل المثال له العديد من المواقع الإلكترونية والصحف الإلكترونية والتى تصدر بلغات مختلفة، ومؤخرا ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والذى يستخدم الفضاء الإلكترونى بشكل واسع، له العديد من المواقع الإلكترونية والصحف والتى تصدر بلغات مختلفة ويستخدمها للترويج له، حيث يقوم بنشر الأعمال الإرهابية التى يرتكبها والمصورة بتقنية عالية الجودة تشبه أفلام هوليود، كذلك الترويج لنمط حياة الأفراد فى المناطق التى يسيطر عليها التنظيم، وترويج وتضخيم لقوتهم لتشكيل صورة ذهنية عنهم بأنهم الأقوى والأخطر عالميا.
وتتمثل خطورة الإرهاب الإلكترونى بشكل كبير فى سهولته بمعنى القدرة على القيام بالهجمات الإرهابية من المنزل، وتعدد أشكاله وتنوع أساليبه وأدواته وقدرته الهائلة على التخريب والتدمير وتوفير قدر كبير من الأمان والسلامة للارهابيين.
أصبحنا نعيش فى مجتمع المعلومات وهناك بعض المحددات التى ترتبط بخصوصية مجتمع المعلومات وهى أن المجتمع الشبكى دفع الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية أن تجعل شبكات التواصل الإجتماعى عنوان لهويتها الإلكترونية وتستخدمها لنشر أفكارها ونسقها الفكرى والقيمى.
وبالتالى أصبحت بنية المعلومات محل استهداف من قبل التنظيمات الإرهابية سواء من خلال الإستهداف المادى المباشر والذى يتمثل فى تدمير البنية التحتية التى تعتمد على النظم المعلوماتية، واستهداف مراكز الإرسال، ولكن الأخطر من كل ذلك هو نشر الفيروسات وسرقة المعلومات من قبل القراصنة.
هذه المرحلة تتسم بالإستخدام الكثيف للتكنولوجيا ومن ثم فهى تتسم بتزايد درجات الخطر والتهديد واتساع ساحة المعركة وتنوع وسائلها، وأصبحت شبكة الإنترنت أحد معالم ذلك المجتمع الجديد وأكثرها تأثيرا وانتشارا، ومن ثم أصبحت الجريمة العالمية سمة أساسية من سمات عصر المعلومات وأصبحت الجرائم أكثر تعقيدا وانتشرت الجماعات الإجرامية العالمية مستفيدة من آليات وأدوات الثورة التكنولوجية فى الاتصالات وانتقال الأفراد والأفكار.
وأصبح الارتباط الوثيق بين التكنولوجيا والأمن، لأن الدول أصبحت تعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير فى عمليات الاتصالات والخدمات والإنتاج ونظرا لاعتماد الدول على أنظمة معلومات أصبح من السهل استهدافها وتدميرها من قبل الإرهابيين، فلم يعد الإرهاب فقط يهدف الى التأثير على الرأى العام، بل أصبحت البنية التحتية للدول هدف من أهداف الإرهاب لتحقيق أهدافه المختلفة.
فالإرهاب ظاهرة خطيرة فى حياة المجتمعات الإنسانية، وهو أسلوب متدن للوصول إلى الأهداف فى الواقع هى ظاهرة ضعيفة ليس لها هوية ولا عقيدة.
